الأحد، 5 أغسطس 2012

الثبات على الحق - بقلم ( منى )

الثبات على الحق - بقلم ( منى )منذ خلق البشرية، والمتمثل في آدم وحواء (عليهما السلام) "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ"، ووسوسة الشيطان المتمثلة في إبليس اللعين كانت هي بداية وجود طريقين: طريق متمثل في الحق والصبر والثبات، وهو الطريق الأطول والأصعب، والطريق الثاني هو طريق الضلال والباطل "فماذا بعد الحق إلا الضلال"[يونس:32]وهو طريق سهل وقصير، ولكنه طريق الهلاك.معرفة الحق بحد ذاتها لا تكفي، فكل البشر يعرف طريق الحق، ولكن هل سلك هذا الطريق؟؟ وإذا سلكه هل ثبت على الحق وواصل الطريق كقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (الأنفال)، "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء".. طريق الحق طريق واضح لكل البشر ولا يخفى على أحد، كل ما على الانسان هو أن يميّز بين الحق والباطل، فالله سبحانه تعالى وضع للبشر قواعد لتميز طريق الحق عن الباطل لقوله تعالى "أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم" [محمد:14].مع إن هذا الطريق واضح ولا يحتاج إلى دليل، لكن البشر خطاؤون، والأغلبية كانت تحبذ الطريق السهل، طريق الضلال، لذلك كان الله سبحانه وتعالى يرسل الأنبياء والرسل لهداية الناس إلى هذا الطريق، فالحق هو رسالة جميع الأنبياء والرسل عليهم السلام، يتحدون أقوامهم العتاة الجبابرة بقوة توكلهم على الله القوي القادر على كل شيء. إن الثبات على الحق هو من أهم صفاتهم، وأكثر الأنبياء تعرضاً إلى الأذى من قومه من أجل هداية الناس إلى الحق هو خاتم الأنبياء والمرسلين، فما أوذي نبي كما أوذي الرسول (ص) هو وأهل بيته عليهم السلام، فمنذ بزوغ فجر الدعوة الإسلامية المباركة حين جهر النبي بدعوته فاستجاب له نفر قليل، فابتلوا وعذبوا، وساومهم الأعداء ليرتدوا عن دينهم فما زادهم ذلك إلا ثباتاً واستمساكاً بالحق الذي هداهم الله إليه.قال تعالى: {لَقَدٌ كَانَ لَكٌمْ فِي رَسٌولِ الله أٌسٌوٌةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجٌو الله وَاليَوْمَ الآخر وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً * وَلَمَّا رَأَى المٌؤمنونَ الأحْزابَ قالٌوا هذا ما وَعَدَنا اللهَ وَرَسٌولٌهٌ وَصَدَقَ اللهٌ وَرَسٌولٌهٌ وَمَا زَادَهٌم إلا إيمانا وتسليماً * مِنَ المؤْمنينَ رِجَال صَدَقٌوا ما عَاهَدوا اللهَ عَلَيهِ فَمنهم مَّن قَضَى نَحْبَهٌ وَمِنهم من يَنتَظرْ وما بدَّلوا تبديلاً} إن التأسي برسول الله (ص) وأهل بيته يعطي القوة للإنسان، ويعطي حاله من الثبات والإصرار على الحق لما قدّموا من دروس في مقاومة الظلم والباطل والثبات على الحق مهما كلف الأمر، فالرسول (ص) وأصحابه قدوة لكل البشر في الثبات على الحق من أول مبعثه إلى أن التحق بالرفيق الأعلى.وما قام في الأرض داع إلى الحق من رسول أو تابع لمنهجه إلا أوذي وامتحن، وكان أكثر من تعرضوا إلى الأذى هم أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم، وذلك لرفضهم الظلم والباطل، والتمسك بالدين الحق، ومواصلتهم الثبات عليه بعد وفاة رسول الله (ص). أول من أوذي من أهل البيت هي فلذة رسول الله (ص) وريحانة فؤاده سيدة نساء العالمين والإمام علي عليهما السلام، فبعد وفاة الرسول قام الامام علي (ع) بدعوة الناس إلى القتال انتصارا للحق والعدل، وللثأر لرسول الله وبضعته الزكية صلوات الله عليهما وآلهما، ولكن القوم خذلوه ولم يستجب منهم إلا عدد قليل جداً، وكانت وصية الرسول له أن لا يقاتل إذا كان العدد قليلا، فاستجاب لوصية الرسول (ص)، فقد كان القتال بعدد قليل أمرا محرّما عليه بأمر الله ورسوله (ص)، فصبر وثبت على تنفيذ الوصية رغم كل ما تعرض له من اغتصاب إرث الزهراء، والهجوم على داره.الإمام علي (ع) هو مثال للحق والصبر والثبات، فقد قال عنه رسول الله (ص): "علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار" (نهج البلاغة)، لذلك كان الإمام عليه السلام وأهل بيته هم الحق، فمن تبعهم نال الشرف في الدنيا وفاز بالجنة، ومن أجل الثبات على هذا الطريق تعرض أصحابه وشيعته لشتى أنواع التعذيب على مر الأزمان والعصور منذ يوم السقيفة إلى يومنا هذا، قليل هم من ثبتوا على ولاية الإمام، فدائما من يسلك طريق الحق ويثبت عليه هم القلة المؤمنة الصابرة، ولربما أكثر أصحاب الإمام علي (ع) التي تبقى قصة تعذيبه أكبر الدروس والعظة في الثبات على الحق والولاية إلى الإمام هو الصحابي الجليل ميثم التمار، فقد قطعت رجلاه ويداه، وصلب وهو ما زال ثابتا على ولاية الحق، ولا يتكلم إلا الحق، فكان وهو مصلوب على الشجرة يحدّث القوم بفضائل الإمام علي وبني هاشم وجرائم بن أمية حتى قطع لسانه وطعن واستشهد صامداً صابراً، وكل هذا حباً وثباتاً في الحق، وما الحق إلا الامام علي(ع) وبني هاشم.هذا الصبر والثبات في طريق الحق لا يكون إلا من فئة مؤمنة صابرة محبة لله ورسوله (ص) وأهل البيت (ع) متمسكة بقواعد وثوابت من أهمها:١- الصبر والثبات على الحق كقوله تعالى: "فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ" [غافر(55)]٢- التوكل المطلق على الله سبحانه وتعالى كقوله: "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " [الطلاق (3)]٣- التمسك بكتاب الله ورسوله وأهل بيته كما أوصى رسول الله (ص) "إني تارك فيكم الثقلَين: كتاب اللـه، وعترتي أهل بيتي"٤- أن يغلب الحق كل المصالح الدنيوية٥- الحق لا يتعلق بكثرة قائليه، قال الله تعالى:" قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث" [المائدة:100] الحق لا يرتبط بالكثرة أو القلة "لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه" فطريق الحق دائماً يكون من الفئة القليلة "كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ"إن أهل الحق في كل زمان ومكان هم أعظم الناس صبراً على أقوالهم ومعتقداتهم، فلا يكفي أن تسلك الطريق، بل أن تثبت وتواصل هذا الطريق حتى النهاية مهما كلف الأمر، لذلك نرى في كل مرة تكون هناك انتفاضة واحتجاجات ضد النظام الدكتاتوري في البداية يظهر الكثيرون من يطالبون بالعدالة الاجتماعية وحرية التعبير وتطبيق الشريعة الاسلامية في الحكم، ولكن عند أول امتحان للصبر والثبات على الحق نراهم تراجعوا، وتم شرائهم، فتغير الطريق من الحق إلى الباطل وغلبت المصالح الدنيوية، وأقرب مثال ما حدث في انتفاضة التسعينات عندما قامت بعض الشخصيات المعارضة للحكومة بتقديم عريضة إلى الملك يطلبون فيه تعيين مجلس وطني منتخب من عامة الشعب، فكان الشيخ المجاهد عبد الأمير الجمري يمثّل الطائفة الشيعية، وعبد اللطيف المحمود يمثّل الطائفة السنية، عندما رفض الملك مطلب المجلس الوطني، وقام بحبس عبد اللطيف المحمود لمدة أسبوعين، خرج بعدها من المعارضة عند أول امتحان وسكت ولم ينطق بعدها، ولكن من قاد بعد ذلك انتفاضة التسعينات والاحتجاجات التي راح ضحيتها أكثر من أربعين شهيد من الطائفة الشيعية، وعانى ما عانى من التنكيل والسجن، هو المجاهد الشيخ عبد الأمير الجمري رحمة الله عليه. كان مثالاً في الثبات على الحق، وكيف لا وهو على ولاية الحق. "الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" (العنكبوت [1-3].وما أشبه أنصار الإمام علي وأنصار الحسين برموزنا، فهم من ثبتوا قولاً وفعلاً في طريق الحق، فبالرغم من تعرضهم لشتى أنواع العذاب في السجون الخليفية من النظام الخليفي الصهيوني، ولكنهم ثابتون على مبادئهم ومطالبهم، لم يستطع النظام شراءهم ولا شراء ضمائرهم، وذلك لأنهم متمسكون بقواعد الحق، وهو الإيمان الخالص لله والتوكل عليه، والتمسك بكتاب الله ورسوله وعترته، وأن النصر في النهاية يكون إلى الفئة الصابرة ما دامت على طريق الحق، كذلك الفئة القليلة الصابرة من شبابنا المجاهد الذي لم يفارق ساحات الميادين، ويقوم يومياً بالاعتصامات والاحتجاجات المطالبة بإسقاط هذا النظام ورحيل العائلة الخليفية المجرمة، فبالرغم من تعرضهم إلى القتل والاعتقال والقمع اليومي، لكنهم ثابتون صابرون لأنهم عرفوا طريق الحق فثبتوا عليه، فكم من ميثم التمار وحبيب بن مظاهر والحر بن يزيد الرياحي وعابس وكل الأنصار الذين ثبتوا وقت الامتحان في كربلاء الحسين، وبذلوا مهجهم وأرواحهم لنصرة الحق، هم اليوم موجودون معنا في كربلاء البحرين .قال تعالى:( والعصر*إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) (سورة العصر).اللهم ثبتنا على ولاية أمير المؤمنين فهو الحق ونحن مع الحق.منى@mona270

0 التعليقات:

إرسال تعليق