الجمعة، 17 أغسطس 2012

صادق المبارك: التغيير بين التوكل والأخذ بالأسباب المادية

التغيير بين التوكل والأخذ بالأسباب المادية

 

هناك جدل قائم في ثورتنا حول التوكل والأخذ بالأسباب المادية وفي الحقيقة هذا الجدل قائم بالدرجة الاولى بين اصحاب المنهج الثوري الاسقاطي واصحاب المنهج السياسي الاعلامي الاصلاحي فبين من يرى بأن الأخذ بالأسباب المادية يلغي دور التوكل او لا اقل الاعتماد الكلي عليها، وبين من يرى بأن الله سبحانه وتعالى جعل لكل شيء سببا ظاهرا والتوكل على الله بعيدا عن دراسة الأسباب المادية واخدها بعين الاعتبار يلغي دور هذه الأسباب ويطلب التغيير من خلال المعجزة. و نحن نحاول القاء نظرة سريعة على آية كريمة لها ارتباط بهذه الجدلية وهي الآية الاولى من سورة الحشر أملا في ان تبصرنا بعض الشيء في هذا الجدل .

 

 

((هو الذي اخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار))
 
 
التدبر في الآية الكريمة يعطينا بعض النتائج أحاول فرزها على شكل نقاط:

 ١- إن المسلمين لم يكونوا يعتقدون ويرون امكانية اخراج الكافرين من حصونهم وذلك لمنعة حصونهم وقوتهم المادية والعسكرية. والظن في الآية هنا بمعنى الاعتقاد والرأي.
 

٢-إن الكفار كانوا يعتقدون عدم قدرة المسلمين على هزيمتهم ثقة منهم بقوتهم ومنعة حصونهم.

 

٣-إن النصر والهزيمة بيد الله تعالى بعيدا عن ميزان القوة المادية الظاهرية فحسابات المؤمنين والكفار كانت خاطئة فمعادلة القوة هي بيد الله، و هذه المعادلة قد تكون بعيدة عن منظار كلا الفريقين ولذا فإن الله سبحانه وتعالى يؤكد على الارتباط به والتوكل عليه لأن معادلة القوة والتغيير هي بيده وهو يعلم ما لا نعلم به في الظاهر.

 

٤-إن مفتاح التغيير كان هو الحرب النفسية (فقذف في قلوبهم الرعب) ومن هنا كان من المهم التركيز على الدور الإعلامي الايجابي والحرب النفسية فلهما دور كبير في تحقيق النصر والهزيمة بعيدا عن ميزان القوة المادية العسكرية.

 

٥- النصر لم يكن عن طريق المعجزة بل عن طريق الهزيمة النفسية التي كان سببها قوة عزيمة المؤمنين وأحقية قضيتهم، وضعف الكفار النفسي وبطلان وفساد قضيتهم وموقفهم.

 

٦- ان الآية تدعونا للاعتبار الاتعاظ بأن القوة المادية الظاهرية ليست هي الفيصل بل هناك عوامل أخرى قد تكون غير منظورة لنا ولكنها معلومة لله سبحانه وتعالى ومتوقفة على ارادته ولهذا علينا التوكل على الله سبحانه وتعالى في كل حركاتنا ومنها حركة التغيير فهو بيده ملك كل شيء والعالم بكل شيء.

 

وهذا المعنى نستفيده من الدعوة الى الاعتبار في هذه الآية ومن الآية اللاحقة لها (( ما قطعتم من لينة او تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله)).
 
الخلاصة إننا نحتاج في حركة التغيير الى التوكل على الله سبحانه وتعالى بعيدا عن ظاهر ميزان القوى المادي وهذا لا يعني الغاء الأسباب المادية بل يعني بأن هناك اسباب مادية قد تكون غير منظورة لنا تستمد قوتها من أحقانية القضية والتوكل على الله سبحانه وتعالى. فنحن على سبيل المثال قد نعتقد بعدم امكانية التغيير نتيجة الانحياز الامريكي ولكن السؤال من يعلم بأن دول اخرى عظمى تبحث عن موقع لها كروسيا والصين لا تدخل على الخط وتقلب الميزان؟! او قد نعتقد عدم امكانية التغيير لوجود السعودية ولكن لايمكن لنا استبعاد نشوب خلافات في الحكم السعودي يرافقه نشوب حركة تحررية داخلية تضعف هذا النظام وتجعله ينشغل بذاته.

 

 

فالتوكل على الله لا يعني انتظار المستحيل بل يعني زرع الأمل في آفاق غير منظورة او آفاق قد يستصغرها البعض. والحمد لله رب العالمين

 

Sadiq Al Mubarak (@)

Posted Friday 17th August 2012 from Twitlonger
                               

 

0 التعليقات:

إرسال تعليق