الاثنين، 20 أغسطس 2012

حكاية زنزانة.. قصة قصيرة / الكاتب: فهمي بقلاوة @FahmiBaqlawa


حكاية زنزانة.. قصة قصيرة/ ف. بقلاوة


لم تكن تلك المرة الأولى التى يزور فيها زنزانة. فلقد سبقه الزمن الماضي وصار يتذكر تلك الزنزانة الاولى، وهو يرسم فوق جدرانها لوحة شراع الأمل ويتخيل الحرية من تلك الزنزانة او يتخيل محيا خطيبته التي ضيعها زمن القهر الجاثم فى طاغوتية السلطان فهو لم يكن يعلم بما يخبأه له الزمن .



 كتب فوق الجدران كلمات لاتزال ترن حتى فى إذن ابنائه بعد هذا العمر الطويل تقول: نسترق السمع من صمت الجدران , وتتربص فينا عيون القضبان.



نعم هى كلمات ستبقى خالدة فى ذهنه وفي طعم ونكهة حياته, لم يكن يصدق رواية ذلك الحاوي شريك زنزانتة الذي يقرأ الكف حين قال بعد سجنك هذا سيكون لك سجنا جديد ولكن حين تبلغ الخامسة والاربعين فهو حينها كان بالخامسة والعشرون!



وتمضى السنون وتشتد الأزمة ويثورالشعب حين لم تكن تبزغ بارقة أمل او نافذة نور لحل قادم قريب, فتلك معضلة معظم الحكومات العربية، لاتتعلم من تجارب سلاطين القهر الماضين فهم يشاهدون يوميا ترنح طاغية وسقوط مجرم فى حق شعبة وتلك الايام نداولها بين الناس ولكن من يتعظ

وصار مايخشاه حين تم إعتقاله ، تلك ليلة لم تكن تنسى بعد مطارادات فى عدة اماكن،إذ يرتسم الخوف ويتربع هاجس الاعتقال بكل فرد, كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل حينها كان على موعدا يعتقد بانه يعرفه اوكمال يقال إنها الليلة المشهودة, وماهي الا لحظات وتكسر الابواب بعد تسلق جدران المنزل وهتك حرمة النساء فى غرفها وصراخ الاطفال وإرعابهم ، استيقظ الاب ؟ من انتم وماتريدون؟



 قال كبيرهم المقنع: أسكت وادخل غرفتك.
ولكن ماذا تريدون ؟
 أين هو قل لنا من؟
أتقصد إبني إنه نائم بغرفته .

هو احس بالحراك والهمهمة بالمنزل افاق من غفوته التى لم تكتمل الى حد المنام اراد ان يقتح الباب كسر بيده, واطبق عليه اربعة منهم
 أين صاحبك؟
 أي صاحب؟ إنني لوحدي لاأحد معي.



وتبدأ الحكاية
 قل لنا أين يتواجد ؟
لااعرف عهدي به منذ شهرين قبل الأحداث الخيرة بالمحلة

 لاتريد ان تدلنا عليه؟
 حسنا خذوه واحسنو ضيافته؟



ويالها من ضيافة عربية وقحة كل ما لايتصوره العقل من سخافات النذالة اللاانسانية من تعذيب وتمزيق وهتك الحرمة , يدوي صراخك وأنينك المكتوم فى ارجاء الغرفة المطبقة .

عرفت لاحقا بان لي جيران بالزنازن الأخرى قداصابهم ما صابني ؟


 مكثت ليلتي وانا مابين الموت والحياة ولو إنني خيرت فيها بالموت ماتركته بالطبع لأنه أهون من عذابات ليلية المتكررة؟



بعدها نقلت الى سجن أخرعرفت لاحقا بانه فى صحراء خارج المدينة يتواجد فيه كبار معتقلي الحركة المطلبية, عرفتهم كلهم لمجاورتي إياهم, كنت اتحسس الامهم فى كل ليلية لتلك الوجبة التى ياتي بها فريق من الوحوش طبعا ليسوا بشر يتناوبونك مسكا وضربا وسدحا وهتكا؟ وكل مالا تفكر به؟من قذارات البشر؟



إذ ذاك حكيت لي زنزانتي حكاية فلقدعرفتني قبل يومي كنت اسكب دمي قبل دمعي واهاتي قبل وجعي لأتذكر من كان كانوا معي بتلك السنوات الخمس الماضية؟



وتبدا الهلوسة بعد كل وجبة من الأنين والالم ؟

 هل فعلا سنعود مجددا لمسلسل المحاكمة وحكم اخر قاس؟

 اقضي به بقية العمر؟


 هل ستتحمل زوجتي هذه المرة ؟


هل ساقوى على ذلك؟



أواه لم نعد كما كنا , إذهب عني ياشيطان الأبالسة فانااعرفك؟

تريث ولكني لم نكن الا اصحاب قضية حقوق الأخرين؟


لم نكن ننوي الا الخير لماذا نعاقب؟


لماذا تلفق لنا اكاذيب وارهاصات وتلفيقات؟



 اهاعرفت أن الزمن جدير بان يمسح الألم حين ينمو الأمل القادم؟



حينها دونت تاريخ العصر على جدران الزنزانة فى مخليتي وحاولت جاهدا أن ارسخ فكرة الأنتصار , ولو أنني ضعفت فى محطتي هذه ؟



 كلا ليس ضعفا جسديا اومعنويا؟

ما كسرني هاجس شريكة الدرب ؟ صرت اتذمر من نفسي ؟

 قلت يارب تركتها بتلك الفترة خمس سنين ؟

 والان هل ساعيد الكرة مرة اخرى ومن يعلم كم سيحكمون علي؟

سابقا كانت لوحدها؟ اما الان فمسئوليتها اكبر؟

اوف منك ياشيطان !

إذهب عني أنا لم ولن اضعف الم اقل لك؟



ولكني بصمت الزنزانة وقرعقة اقفالها كنتاصرخ فى داخلي لاتخف إن الرب يحميك وسيحميك؟



وبتلك الغفوة هاتفني الطائف الليلي ؟
 ياهذا لاتخف ؟
 إعتني بنفسك ؟
فمن تفكر فيهم من خلقهم سيتولى أمرهم ؟
قمت فزعا من منامي افتش الزنزانة ؟
من أنت ماذا تقول؟
صرت افتش فى ظلمتها امسح العرق يارب ؟
قوني على ذلك؟



رسخت فى ذكرتي مرات اصوات الأحبة ممن كانو بقربي بالزنازن الأخرى ، لاتخف إن الله معنا ؟
إصبر ؟



نعم ماكان يؤنس وحدتي ويحملني الصبر ترانيم الكتاب المقدس والصلوات المتواصلة طوال النهار والليل وانشودة الأيمان وصور النصر القادم ,صرت ارددها كلما الم بي الم او خوف او تردد ؟


 سننتصر سننتصر؟

كنت اعرف أن يوما ما سيكون لقاء قريب فما عدت إنتظره لانني تيقنت به حين خالجني صوت الذات بأن الفرج قريب فاصبر؟




fahmibaqlawa-amal

  @FahmiBaqlawa

Posted Monday 20th August 2012 from Twitlonger


0 التعليقات:

إرسال تعليق